للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أفضلُ من تركِه مع التفريق، وإن كان ذلك جائزًا، فإن الجامع للمصلحة الراجحة قد صلَّى الصلاة في وقتها، وإنما يجب عليه في الوقت المختص إذا أمكن فِعلُها فيه كاملةً، فلا يجوز له تفويتُ الوقت المختصّ بلا مُوجب. فأما إذا كان فِعلُها في الوقتين فيه نقصٌ عُفِيَ عنه للحاجة وأمكن فِعلُها في المشترك بلا نقصٍ كان أفضل.

والقرآن والسنة دلاّ على أن الوقت يكون، خمسة في حال الاختيار، ويكون ثلاثةً في حق المعذور، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من الكبائر الجمعُ بين الصلاتين إلا من عذرٍ. وقد أباحَ أحمد الجمعَ إذا كان له شغلٌ. قال القاضي أبو يعلى: المراد العذرُ الذي يُبيح تركَ الجمعة والجماعة، فالعذر الذي يُبيح تركَ ذاك يُبيح الجمعَ. وهذا بيِّنٌ، فإنه إذا سقطت الجمعة مع توكيدِها والجماعة مع وجوبها، فاختصاص الوقت أولى، لأن فعلها في الوقت المشترك جماعةً أفضلُ من فعلها في الوقت المختصّ فرادَى.

فإذا سقطتِ الجماعةُ بالعذر فاختصاصُ الوقت أولى، ينبغي أن يكون الجمع أوسع. من ذلك (١) أن الجمعة والجماعة آكدُ من اختصاص الوقت، وقد ترك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في صلاة الخوف لأجل الجماعة ما كان يُمكِنُ أن يفعل مع الانفراد مما لا يجوز إلا لعذرٍ، إنما احتمل لأجل الجماعة مع الخوف.

وهذا الذي ذكرنا من أن الوقت يكون ثلاثةً في حق المعذور مما


(١) كذا في النسختين، وفي العبارة غموض.