يجوز، فقد تبين مما ذكرناه على أن الصلاة بالقاهرة والقلعة على من مات بمصر وبالعكس لا تجوزُ عند جمهور العلماء، وتجوز عند بعضهم في مذهب الشافعي وأحمد.
وأما قول السائل: كم مقدارُ بُعْدِ النجاشي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟
فذلك كثير معروف، فإن النجاشي كان بالحبشة، وبينهما اليمن ثم تهامةُ، وهو مسافة كبيرة.
وأما قوله: هل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو أحدٌ من الصحابة أو التابعين أو الأئمة صلى على الغائب في مقدار هذا البعد؟ فالجواب أنه لم يُنقَل ذلك عن أحدٍ من هؤلاء، وغاية ما بلغَنا في مثل ذلك ما ذكرناه من النزاع في جانبي بغداد، وكان هذا بعدَ الأئمة، وأما في زمن الشافعي وأحمد بن حنبل فلم يَبْلُغْنا أن أحدًا صلَّى في أحد جانبي بغداد على من مات في الآخر، مع كثرةِ الموتى وتوفُّرِ الهِمَم والدواعي على نقل ذلك. فتبينَ أن ذلك مُحْدَث لم يفعَلْه الأئمة.
وأما ما يفعلُه بعضُ الناس من أنه كل ليلة يُصلِّي على جميعِ من مات من المسلمين، فلا ريبَ أيضًا أنه بدعة لم يفعلها أحدٌ من السلف، والله أعلم.