فقد قال الشافعي: حكمي في أهل الكلام أن يُضرَبوا بالجريد والنعال، ويُطاف بهم في القبائل والعشائر، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتابَ والسنة وأقبلَ على الكلام! فإذا كان هذا حكمه فيمن أعرض عنهما، فكيف حكمُه فيمن عارضهما بغيرهما؟.
وكذلك قال أبو يوسف القاضي: مَن طلبَ الدين بالكلام تزندقَ. وكذلك قال أحمد بن حنبل: ما ارتدَى أحد بالكلام فأفلح. وقال: علماء الكلام زنادقة.
وكثير من هؤلاء قرأوا كتبًا من كتب الكلام فيها شبهات أضلَّتهم، ولم يهتدوا لجوابهم، فإنهم يجدون في تلك الكتب أنه لو كان الله فوقَ الخلق للزمَ التجسيم والتحيُّز والجهة، وهم لا يعرفون حقائق هذه الألفاظ وما أراد بها أصحابُها.
فإن ذكر لفظ "الجسم" في أسماء الله وصفاتِه بدعة، لم ينطق بها كتاب ولا سنة، ولا قالَها أحد من سلفِ الأمة وأئمتها، لم يقل أحد منهم: إن الله جسم، ولا إن الله ليس بجسم، ولا إن الله جوهر، ولا إن الله ليس بجوهر.
ولفظ "الجسم" لفظٌ مجمل، فمعناه في اللغة هو البدن، ومن قال: إنّ الله مثل بدن الإنسان فهو مفترٍ على الله، ومن قال: إنّ الله يُماثِله شيء من المخلوقات فهو مفترٍ على الله. ومن قال: إن الله ليس بجسمٍ، وأراد بذلك أنه لا يُماثِله شيء من المخلوقات، فالمعنى صحيح وإن كان اللفظ بدعة. وأما من قال: إنَّ الله ليس بجسم، وأراد بذلك أنه لا يُرى في الآخرة، وأنه لم يتكلم بالقرآن العربي، بل