للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أدركته الصلاة فيه فليصلّ وإلا فليمض (١).

ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - أفضل الخلق، ولم يتخذ (٢) الصحابة شيئًا من آثاره مسجدًا، ولا يزار غير ما بناه من المساجد. ولم يكونوا يزورون غار حراء الذي [ق ٧٥] نزل عليه فيه الوحي، ولا غار ثور المذكور في قوله تعالى: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: ٤٠]. ولا مكان ولادته، ولا الشِّعب الذي حُوصر فيه، وأمثال ذلك.

وكذلك إبراهيم الخليل عليه السلام؛ إنما اتخذوا من آثاره ما شَرَعه الله لهم من المناسك، ومقامه الذي قال الله فيه: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: ١٢٥] مع أنهم لم يكونوا يقبِّلون المقام ولا يتمسّحون به.

والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع لا على الهوى والابتداع، كما قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: ٢١]. ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما استلم الحجرَ الأسود: والله إني لأعلم أنك حَجَر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُقبِّلك ما قبلتك (٣).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٧٦٣٢)، وابن وضّاح في "البدع والنهي عنها" (ص ٨٧ - ٨٨). وصححه المصنف في "الفتاوى": (١/ ٢٨١).
(٢) الأصل: "يتخذوا".
(٣) أخرجه البخاري (١٥٩٧)، ومسلم (١٢٧٠).