وحاصلُه أنه يمنع دلالةَ الدليلِ على محل النزاع، ويُضيف إلى ذلك أنه قائلٌ بموجبه، وموجبُه غيرُ محلِّ النزاع، فالقولُ بالموجب إبداءٌ لسندِ المنعِ.
أما الدعوى قبلَ ذكرِ دليلِها، فإذا قيل بموجبها، بأن كانَ قولاً بموجب قصد المدعي، فهو موافقةٌ في المسألة وليس باعتراضٍ، فإن من قال: لا يُقتَلُ مؤمنٌ بكافرٍ، فقيل له: تقول بموجب هذا؟
أي تقول بما قصدتَه بهذه العبارة، كان هذا وفاقًا لا سؤالاً، وإن كان قولاً بموجب لفظه لا يوجب معناه، بأن يكون اللفظ مشتركًا أو مجملاً ونحو ذلك، فيقال بموجبه الذي لم يقصده المدعي، مثل أن يقال فيما إذا ادعى لا يُقتَل مؤمنٌ بكافرٍ: تقول بموجبه في الحربي والمستأمن؟ كان هذا كلامًا قليل الفائدة، ولم يُعَد من الأسولةِ الواردةِ، بل يُعَدُّ من المناقشات اللفظية إن لم يكن ظاهرُ اللفظ ينفي القول بالموجب. فإنه يقال له: لم تحرّر الدعوى، بل ادَّعيتَ الذي ادعيتَ بلفظٍ مجملٍ أو مبهم بخلاف مقصودك. فأما إن كان ظاهره يَنفي القولَ بالموجب فلا مناقشة فيه أصلاً. ثمَّ إذا توجَّهت المناقشة اللفظية مِن الناس مَن يترك مثلَ هذا السؤال ويقول: هو خروجٌ عن مقصود المسألة، والكلام فيها كأنه بمنزلة مناقشة المتكلم على لفظٍ قد لحن فيه. ومنهم من يُورِده ويَعدُّه من ضَبْطِ آداب المناظرة، والأمر في ذلك قريب.
أما مسألتُنا فالدعوى محرَّرةٌ تمنع القول بالموجب إلاّ على سبيل الموافقة، وعلى سبيل الموافقة لا يَبقَى نزاعٌ، فإنا قلنا: "إذا بَحثَ الإنسانُ وفحصَ وجدَ ما يقولُه المتكلمون من التأويل الذي يخالفون