والزهري ومكحول ويحيى بن سعيد وأيوب السختياني وابن عون ويونس بن عبيد ومالك والحمادَيْن والسفيانَين والشافعي وأحمد وإسحاق والفضيل بن عياض وبشر بن الحارث.
فإن قلتم: مرادُنا لا نسلِّم أن المعتبرين من المحدثين حرَّموا على المتكلم المعتبر أن يتأوَّل، بمعنى أنهم لم يمنعوه من جنس التأويل، لا أنهم لم يمنعوه من التأويل المعيَّن، لكن سوَّغوا له أن يتأول، كما يسوغ للمفتي أن يفتي وللقاضي أن يقضي، وإن كان يخالف في بعض أقضيته وفتاويه، كذلك المتأول قد يخالف في بعض تأويلاتِه، وإن لم يكن ممنوعًا من جنسها.
قلنا أولاً: كلامُكم يخالف هذا، لأنكم قلتم: إنْ نُقِلَ ما ظاهرُه المنعُ من التأويل حَملناهُ على التأويل بغير دليل أو على غيرِ القواعد الكلية، ومعلوم أنّ كلَّ من تأوَّلَ تأويلاً من المشاهير وقد ردَّه عليه غيرُه فإنما تأؤله بدليل من عندِه، وعلى القواعد العلمية عنده، بل يُقيم الأدلة التي يَزعُم أنها قاطعة في وجوب ذلك التأويل وامتناعِ الإقرار على الظاهر، مع مخالفةِ جماهير علمَاءِ القبلة وقَطْعِهم بأنه ضالٌّ أو مخطئ في تأويلِه، ولعلَّ كثيرًا منهم أو أكثرهم أو كلّهم قد يُكفِّرونه بذلك التأويل، كما يُكفِّرون نُفاةَ حَشْرِ الأجساد، وإنْ تأوَّلُوا ما جاءت به الرسُلُ لأدِلَّةٍ ادَّعوها وعلى قواعدَ وَضَعوها.
وأعجب من هذا -ولا عَجَبَ- قولُكم:"توفيقًا بين العلماء وصيانةً لهم من تخطئِه بعضهم"، فهل إلى هذا من سبيل؟ وقد عُلِمَ بالاضطرار اختلافُ أهلِ القبلةِ في كثيرٍ من تأويل الآيات والأحاديث: هل تُصْرَف عن ظاهرها أم تُقَرُّ على ظاهرِها؟ وإذا صُرِفَتْ فهل تُصْرَفُ