للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي "الصحيحين" (١) عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لمَّا خلقَ الله الخلقَ كتب كتابًا على نفسه فهو موضوعٌ عنده فوق العرش: أن رحمتي تغلب غضبي". وجاء هذا من أحاديث لا تحصى. [وأمثال ذلك مما لا يحصى وهذا مما اتفق عليه المسلمون] (٢).

وقد ذهب طائفةٌ من المنتسبين إلى السنة: أن النفس لله كسائر الصفات الخبرية، والمشهور عند أهل السنة وجمهور الناس: [أن] نفسَه هو سبحانه، فإذا قال: (الاستواء) دلّ على أنه نفسَه فوق العرش، فلم يُرِد بهذا (٣) اللفظ معنًى آخر بل هو سبحانه نفسه، والعرب تقول: رأيت فلانًا نفسَه، وفلانًا عينهَ، فيكون ذلك توكيدًا له، أي رأيته هو ولم أر غيره. فإذا قال: "على أنه نفسَه فوق العرش" كان توكيدًا للكلام، أي هو فوق العرش ليس الذي فوق [ق ١١٣] العرش غيرُه.

وهذا لا ينازع فيه مسلم، فمتى قال: "إن الله فوق العرش" [أراد] أنه نفسه فوق العرش، لم يقل: إن الذي فوق العرش شيء غيره. وقد قال سبحانه وتعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ


(١) البخاري (٧٤٠٤)، ومسلم (٢٧٥١) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) ما بين المعكوفين جاء في الأصل بعد قوله: "وجمهور الناس .. " وليس هذا مكان هذه العبارة قطعًا، فإما أن يكون في النص سقط ما، أو وقع سهو من الناسخ في النقل. وتكرر في الأصل قوله: "وهذا مما اتفق".
(٣) الأصل: "هذا".