للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مخالف للقياس في هذه الحجة (١)، لأنه إنما عَمِلَ ليأخذَ العوضَ، لم يعمل مجاناً كالعاملِ في المضاربة، ولأنّ البذرَ له، فليس غاصباً محضاً.

وقد اختلفت الرواية عن أحمد: هل يُعطَى ما أنفقَ أو أجرةَ مثلِه؟ والنص ورد بالأول بقوله: "فليس له في الزرع شيء، وله نفقته"، والقياس يقتضي الثاني. فقد يكون قولُه على خلاف القياس من هذا الوجه، وما وردَ به النصُّ قد يكون ما أنفق وأجرة مثله فيه سواء.

وأما شِرَى المصاحف والسواد (٢) فإنما فرّق فيهما بين الشَرَى والبيع، لأن العلَّة موجودة في البيع دون الشِّرَى، فإن المشترِيَ راغبٌ في المصحف، معظمٌ له، باذلٌ فيه مالَه، والبائع معتاضٌ عنه بالمال، والشرعُ يُفرقُ بين هذا وهذاَ (٣)، كما فَرقَ في إعطاءِ المؤلفةِ


(١) كذا في الأصل، ولعل الصواب "من هذه الجهة".
(٢) انظر: ص ١٧٣ - ١٧٤.
(٣) عند الشافعية بيع المصحف وشراره مكروه، وقول آخر لهم وهو رواية عن أحمد: أنه يكره البيع بلا حاجة دون الشراء، قال ابن قدامة في المغني ٤/ ٢٦٣ بعدما ذكر الخلاف: "لنا قول الصحابة رضوان الله عليهم، ولم نعلم لهم مخالفاً في عصرهم، ولأنه يشتمل على كلام الله تعالى، فتجب صيانته عن البيع والابتذال. وأما الشراء فهو أسهل، لأنه استنقاذ للمصحف وبذل لماله فيه، فجاز كما جاز شراء رباع مكة واستئجار دورها ممن لا يرى بيعها ولا أخذ أجرتها، وكذلك أرض السواد ونحوها". وانظر أيضًا: الإنصاف ٤/ ٢٧٩ والشرح الكبير بذيل المغني ٤/ ١٢ وكشاف القناع ٣/ ١٥٥.