للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك، بل يعبدون الله وحده لا شريك له، مخلصين له الدينَ كما أمر الله به ورسولُه، ويَعْمُرون بيوتَ الله بقلوبهم وجَوارحِهم من الصلاةِ والقراءةِ والذكرِ والدعاء وغير ذلك؛ فكيفَ يَحِلُّ للمسلم أن يَعدِلَ عن كتاب الله وشريعةِ رسوله وسبيلِ السابقين من المؤمنين، إلى ما أحدثَه ناسٌ آخرون، إمَّا عمدًا وإمَّا خطأً؟

فخُوطِب حاملُ هذا الكتاب بأن جميعَ هذه البدع التي على قبورِ الأنبياء والسادة من آل البيت وَالمشايخ، المخالفة للكتاب والسنة، ليس للمسلم أن يُعِين عليها، هذا إذا كانت القبورُ صحيحةً، فكيف وأكثرُ هذه القبور مطعونٌ فيها؟

وإذا كانت هذه النذورُ للقبور معصيةً قد نهى الله عنها ورسولُه والمؤمنون السابقون، فقد قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مَن نَذَرَ أن يطيعَ اللهَ فليُطِعْه، ومن نَذَر أن يَعصِيَ الله فلا يَعْصِه" (١). وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كفارة النذر كفارة يمين" (٢)، وهذا الحديث في الصحاح.

فإذا كان النذرُ طاعةً لله ورسوله، مثل أن ينذرَ صلاةً أو صومًا أو حجًّا أو صدقةً أو نحو ذلك، فهذا عليه أن يَفِيَ به؟ وإذا كان النذرُ معصيةً -كفرًا أو غيرَ كفرٍ- مثل أن ينذر للأصنام كالنذور التي بالهند، ومثلما كان المشركون ينذرون لآلهتهم، مثل اللات التي كانت بالطائف، والعُزَّى التي كانت بعرفةَ قريبًا من مكة، ومناة الثالثة الأخرى التي كانت لأهل المدينة. وهذه المدائن الثلاث هي مدائن أرض الحجاز، كانوا ينذرون لها النذور، ويتعبدون لها، ويتوسَّلون


(١) أخرجه البخاري (٦٦٩٦، ٦٧٠٠) عن عائشة.
(٢) أخرجه مسلم (١٦٤٥) عن عقبة بن عامر.