للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (٧١) قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٧٢) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} (١).

والمقصود هنا ذكر معنى الزوال، وقد تقدم أن لفظ "زال" يستعمل لازمًا تامًا، ويُستعمل ناقصًا من أخوات كان، وهو كثير، كقوله تعالى: {لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ} (٢)، وقوله تعالى: (وَلَا يَزَالُونَ مختلفين (١١٨) إلا من رحم) (٣)، وقوله تعالى: {وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} (٤). ويقال: "لم يزل كذلك"، كقول ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}، (سميعًا بَصِيرًا (٥٨)) فكأنه كان ثم مضى، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: (وَكاَنَ اللهُ غَفُورًا رحِيمًا (٩٦)) تَسمَّى بذلك، وذلك قوله، أي: لم يزل كذلك. رواه البخاري في صحيحه (٥) عنه. وكذلك قال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه: لم يزل الله عز وجل عالمًا متكلمًا غفورًا.

وقال رضي الله عنه أيضًا: لم يزل متكلمًا إذا شاءَ. ذكره في رواية عبد الله فيما كتبه في "الردّ على الجهمية والزنادقة فيما شكّت فيه من متشابه القرآن وتأؤَّلَتْه على غير تأويله" (٦).


(١) سورة طه: ٧١ - ٧٣.
(٢) سورة التوبة: ١١٠.
(٣) سورة هود: ١١٨.
(٤) سورة المائدة: ١٣.
(٥) ٨/ ٥٥٦ (مع الفتح).
(٦) انظر ص ٤٨.