للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العلمُ بالمصباح الذي يقتبس منه الناس وهو لا ينقص، فإن المقتبس من المصباح يُحدِثُ الله له نارًا في ذُبَالةِ مصباحه من غير أن ينتقل إليه من ذلك المصباح شيء، فهكذا العلم. وقد يُعطي الله رجلاً من العلم والهدى نظيرَ ما أعطى غيرَه بدون تعليم الأول وخطابه.

فهذا الغوث القطب/ إذا لم يُعلِّمِ الناس ويُخاطِبْهم كان ما جعله الله في قلوب الناس من الهدى والعلم نظير ما في قَلبه إذا قدر من ٠ .. (١)، ولكن لم يكن سببًا في ذلك، فضلاً عن أن يَكون من قلبه فاضَ إلى قلوبهم، لاسيما إذا لم يَرَهُ الناس ولا عَرَفوا ما قال ولَا فعل، فإن الإنسان قد يَرى كيان الرجل وآثاره، أو يرى وجهه وعمله، فيَحصُل له بذلك من الهدى والعلم ما يَسَّرَه الله له، أمّا بدون سمع هذا وبصره لذلك، وبدون خطاب دال له أو لمن يوصل إليه، فكيف يصل إليه منه هُدىً؟ فضلاً عن أن يكون منه يَحصُل هُدى جميع الخلق.

فليتدبّر اللبيبُ هذا يتبينْ له أنّ ما وصفوا به قطبَهم وغَوثَهم أمرٌ لا يَقدِرُ عليه الأنبياء في العلو، ومع هذا فمعلِّمو الكتاتيب ومُقَرِئو القرآن ومعلّموهم آدابَ الإسلام أهدى للخلق من هذا القطب الغوث الذي قدروه في الأذهان، ولا حقيقةَ له في الأعيان، كما قدَّر الرافضةُ وعَبَدةُ الصلبان. وإذا كان هذا في الهدى الذي يَحصل


(١) هنا كلمة غير واضحة في الأصل.