للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل (١)

تقول طائفة من أهل الكلام: إن الحركة وأنواعها كالمجيء والإتيان، وكالنزول والهبوط، وكالصعود والعروج، لا تصحُّ إلّا على الأجسام دون الأعراض، فإن العرض لا يقوم بنفسه، فلو انتقل لفارقَ محلَّه وقام بنفسِه.

قلت: ليس الأمر كذلك، بل حركة كل شيء بحسبه، وكذلك إتيانه ونزوله. فكما أن الطعم واللون والريح والقدرة والصحة وغير ذلك إنما وجودها بغيرها، وذاتها لا تكون إلّا متعلقة بغيرها، فكذلك ما يَعرِض لها من الأحوال والحركات هو مشروط بمحلِّها، فإذا قيل: «جاءته العافية والصحة» فهو مجيء الأجزاء البدنية الحاملة للصحة، وتلك الأجزاء هي الحاملة للصحة، ومجيئها فيه حركة وانتقال. وكذلك «جاء النصرُ والظفرُ» هو مجيء الأعيان الحاملة للقوة والظهور التي بها اندفع العدو وضررُه. فلا بدَّ من حركةٍ فيها زوالُ أحد الضدَّين حتى يجيء الآخر.

ثم هذه الحركة والمجيء متضمنة للظهور والوضوح والتجلّي، لا كما قال بعضهم: إنها مجرد الظهور.

وكذلك إذا قيل: «جاء الشتاء» و «جاء الصيف» و «جاء الليل


(١) كتب المؤلف بجواره: «تمامه ما كتبتُ بعد هذا».