للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

والمقصود هنا أن يَعرف المؤمنُ حالَ الناس الذينِ يحتاج إلى معرفة حالهم، ويعمل معهم ما أمر الله به، ويكون فيمن مَضى عبرةٌ له، فآل فرعون لما كانوا أبعدَ الخلق عن الإسلام الذي هو دين الله جعلهم الله في أشدِّ العذاب، كما قال تعالى: (أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (٤٦)) (١)، لأنهم كانوا من أعظم الخلق استكبارًا وإشراكًا، حيث جعلوا واحدًا من جنسهم إلههم وربَّهم، فأطاعوه واتبعوا أمره الذي ليس برشيد، واستكبروا قبل مجيئ الرسولِ إليهم على من هو من جنسهم، فاستعبدوهم بغير حق وكانوا خَوَلَهم، وبعد مجيئ الرسول عَلَوا على ربِّهم وعلى رسوله.

وكذلك بنو إسرائيل لما بُعِثَ إليهم المسيح كان من استكبارِهم على رسولهم سؤالهم المائدة وعبادتهم الطاغوت كما ذكره الله عنهم في كتابه، ولما كانوا أبعد الناس عن الإسلام إذ ذاك قال الله لهم: (قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (١١٥)) (٢).

وكذلك الذين بعث إليهم محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان فيهم من الشرك والكبر ما هو معروف، وقد دلَّ كتاب الله من ذلك على ما فيه عبرة. والمنافق أسوأ حالاً في الآخرة من الكافر، كما قال: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ


(١) سورة غافر: ٤٦.
(٢) سورة المائدة: ١١٥.