للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) الآية (١). وقد رُوِي في الحديث عن عبد الله بن عمرو: "إنّ أشدَّ الناس عذاباً يومَ القيامة آل فرعون ومن كفر من أهل المائدة والمنافقون من هذه الأمة" (٢). فإن هؤلاء عاندوا الرسل الثلاثة الكبار أهل الشرائع موسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام في وجوههم، وباشروهم بذلك.

والمشركون الذين خرجوا على ديار الإسلام عبيد جَنْكِسْخان، وهو الذي استخفَّ قومه فأطاعوه من الترك وأشركوا به، حتى اعتقدوا فيه أن أمَّه أَحْبَلَتْها الشمسُ، إذ لا يُعرف له أبٌ بينهم، وإنما كانت أمُّه بغيًّا فَجَرَتْ ببعض الترك، ثم كتمتْ ذلك وأظهرتْ غيره، وكانت ذاتَ مكر وكيدٍ. وقد ذكر الله في كتابه قول العزيز: (إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (٢٨)) (٣). ولهذا لما علا ابنُها وقَهَر الأممَ المجاورةَ له كان من سنتهم تعظيم النساء وطاعتهن. ولما كانوا من أبعد الخلق عن الإسلام كانوا من أعظم الأمم كِبرًا وشركًا، فهم مطيعون لمن قَهَرهم وأذلَّهم واستعبَدهم كطاغوتهم الأعظم جنكسخان طاعةً وعبادةً وتألهًا، فهم بذلك من أعظم المشركين، وهم مع ذلك مستكبرون على من قَهَروه من جنسهم وغيرِ جنسهم استكبارا وعلوًّا.


(١) سورة النساء: ١٤٥.
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره (٩/ ١٣٢) عنه.
(٣) سورة يوسف: ٢٨.