للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: "اللهمّ إنّا كنّا إذا أَجْدَبْنا نتوسَّلُ إليك [بنبيِّنا فتَسْقِينا، وإنّا نتوسَّلُ إليك] بعَمِّ نبيِّنَا فَاسْقِنا"، فيُسْقَون.

وقد ثبت في الصحيحين (١) حديث أنس لما توسَّلُوا بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واستشفعوا به، فطلبوا منه أن يَدعُوَ لهم، حينَ قال له الأعرابي: جُهِدتِ الأنفسُ وجاعَ العِيالُ وهَلكَ المالُ، فادعُ الله لنا، فدَعَا الله لهم، فأُمْطِروا سَبْتًا. ثم شَكَوا إليه بهَدْم الأبنية وانقطاع الطُرق، وسألوه أن يدعُوَ الله بِكَشْفِها عنهم، فدَعاه، فكَشَفَها عنهم.

وكذلك يومَ القيامة يَتوسَّلُ به أهلُ الموقفِ ويستشفعون به، فيَشفعُ لهم إلى ربّه أن يَقْضِي بينهم. ثمَّ يشفعُ شفاعةً أخرى لأهلِ الكبائرِ من أمَّتِه، ويَشفَعُ في أن يُخرِجَ الله من النار مَن في قلبه مثقالُ ذرَّةٍ من إيمان، كما استفاضتْ بذلك الأحاديثُ الصحيحة (٢).

ولما ماتَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - توسَّلُوا بدعاءِ العبَّاسِ عَمِّه، ولم يتوسَّلُوا به بعد موتِه، فإنهم إنما كانوا يتوسَّلُونَ بدعائه في حياتِه، وذلك ينقطع بموته، فتوسَّلُوا بدعاء العباس.

وكذلك معاويةُ بن أبي سفيان استشفَعَ في الشام وتوسَّلَ بيزيدَ ابنِ الأسودِ الجُرَشي، وقال: "اللهمَّ إنّا نتوسَّلُ إليك بخيارنا، يا يزيدُ! ارفَعْ يديك"، فرفَعَ يَدَيْه فدعَا ودَعَا الناسُ، حتى نزلَ المطَرُ (٣).


(١) البخاري (٩٣٣ ومواضع أخرى) ومسلم (٨٩٧).
(٢) وهي مخرجة في الصحيحين وغيرهما.
(٣) أخرجه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (١/ ٦٠٢) والفسوي في المعرفة =