للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كثيراَ ما يتنازعُ فيه فقهاءُ الحديث ومن يُنازِعُهم ممّن يَقيسُ منصوصاَ على منصوصٍ، ويجعل أحدَ النصيْنِ منسوخاً لمخالفتِه قياسَ النّصَ الآخرِ في طَيِّ هذا القياسِ.

ويَبْقَى الأمرُ دائراَ هل دلَّ الشرعُ على التسويةِ بين الصورتينِ حتى يُجْعَلَ حُكْمُهما سَوَاءَ، ويُجعَلَ الحكمُ الواردُ في إحداهما منسوخا بالحكمٍ المضاد له الواردِ في الأخرى، كما يقوله من يجعل القرعةَ منسوخة بآية الميسر (١)، وأَمْرَ المأمومين بأن يتبعوا الإمام، فإذا كبَّر كبّروا، وإذا ركع ركعوا، وإذا صَلَّى جالساً صَلَّوا جلوساً أجمعين-: منسوخاً بدوام قيامهم في الصلاة التي صَلَّوا بعضَها خلفَ إمام قائمِ، وباقِيهَا خلفَ إمامِ قاعدِ. ويَجعلُ حديثَ الأضحيةِ والهَدْي أَحدَهما منسوخاً بالآخر (٢). ويجعلون قَطْعَ جاحدِ العاريةِ (٣) منسوخَاً إذا سلَّموا أنه قطعها لذلك، منسوخاً" (٤) بقوله: "ليس على


(١) الجمهور على مشروعية القرعة في الجملة، وأنكرها بعض الحنفية، وليس في القرعة إبطال شيء من الحق كما زعموا. انظر للكلام على القرعة والخلاف فيها: تفسير القرطبي ٤/ ٨٦، ٨٧ وفتح الباري ٥/ ٢٩٣، ٢٩٤ وطرح التثريب ٨/ ٤٨، ٤٩.
(٢) سبق الكلام على المسألتين.
(٣) قال ابن القيم في إعلام الموقعين ٢/ ٦٢: "صح الحديث بان امرأة كانت تستعير المتاع وتجحده، فأمر بها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقطعت يدها،. ثم ذكر اختلاف الفقهاء في سبب القطع. والحديث أخرجه مسلم (١٦٨٨) وأبو داود (٤٣٧٤) عن عائشة.
(٤) كرّر "منسوخا" لبعد العهد به، وارتباطه بما بعده.