والقَيُّوم والقَيَّامِ من قام يقوم، فهو معتلٌّ، فإن عينَه واو، فلهذا قيل فيه: فَيْعال وفيْعُول، ولو لم يكن في ألفاظه حرفٌ معتلّ لا ياءٌ ولا واوٌ لقيل: فَعَّال، كما قيل "حمَّاد" و"ستّار"، وفُعُّول كما قيل "سُبُّوح" و"قُدُّوس"، والغالب فعُّول بالفتح، وهو القياس في شرح "قُدُّوس"، ولكن جاءت دلالة اللفظ على غير القياس بالضم سبوح وقدوس وذو الروح.
وقد تبين أن قراءة الجمهور "القَيُّوم" أتمُّ معنًى من قراءة "القيَّام"، فإن فَعُّول وفيْعُول أبلغُ من فَعَّال وفَيْعال، لأن الواو أقوى من الألف، والضم أقوى من الفتح، وهذا عينه مضمومة، والمعتلّ منه واو، فهو أبلغُ مما عينُه مفتوحة والمعتلُّ منه ألف. ودائمًا في لغة العرب الضمُّ والواوُ أقوى من الياء والكسرة، والياءُ والكسرةُ أقوى من الألف والفتحة، وهكذا هو في النطق، وكذلك في سائر الحركات، فإن المتحرك إلى أسفلَ كحركةِ الماء أثقلُ من المتحرك إلى فوق كالريح والهواء، والمتحركُ على الوسط هو الفلك أقوى منهما.
ولهذا كان الرفعُ لما هو عمدةٌ في الكلام، وهو: الفاعلُ، والمفعولُ القائمُ مقامَه، والمبتدأ، والخبر. وكان النصبُ لما هو فضلة في الكلام، كالمفاعيل وغيرها: المفعول المطلق والمفعول به وله ومعه، والحال والتمييز. وكان الجرُّ لما هو متوسِّطٌ بين العمدة والفضلة، وهو المضاف إليه، فإنه تضاف إليه العمدة تارةً والفضلةُ تارةً، فتقول: قام غلامُ زيدٍ، وأكرمتُ غلامَ زيدٍ.
ولما كانت "كان" وأخواتُها أفعالاً تُستَعملُ تارةً تامَّةً مكتفيةً بالفاعل، وتارةً ناقصةً فتحتاج إلى منصوب، كان الرفعُ فيها مقدمًا، فإنه العمدةُ، ولابُدَّ منه في النوعين التامّة والناقصة.