للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هي مَا كلُّ واحدٍ منهم عليه، يُزَادُ فيه ويُنقَص منه لطولِ الزمان الذي أتَى عليه، وكلُّ واحدٍ منهم تَرجَم في كتابه في زمانِه لقومِه وأتباعه على لسانهم.

قال: وأما مَانِيْ فإنه ادَّعى أنه من تلاميذ المسيح المستقيم الجاري على منهاج إبراهيم، وأنَّ غيرَه من النصارى قد زَاغُوا عن طريقِه، وأنَّ الإنجيلَ المنزلَ على عيسى هو الذي عنده، وادَّعَى أنه حينَ ارتقَى إلى السماء أُرْقِيَ إلى عيسى، وأنه بأمرِه عَمِلَ ما عَمِلَ وأسَّس ما أسَّس، فبِرِيْحِ المسيحِ تروَّح له ما تروَّح، وتَبِعَه من تَبِعَه، لا برأيِه.

قلتُ: والمشركون أعداءُ إبراهيم الذين يُبغِضُونَه ويُحِبُّونَ عدوَّه النّمرودَ موجودون إلى اليوم من مشركي التركِ والصينِ ونحوِهم، يُصورون الأصنامَ على صورةِ النّمرود كبارًا وصغارًا، وفيها ما هو كبيرٌ جدًّا، ويعبدون تلك الأصنامَ ويُسبِّحونَ باسمِ النمرود، ومعهم مَسَابِحُ يُسبحون بها: سبحانَ النمرود! سبحانَ النمرود!

وإبراهيم صلواتُ الله وسلامُه عليه هو الذي جعلَه إمامًا لمن بعدَه من الناس، فلا يُوجَد قطُّ مؤمن ولا منافق يُظهِر الإيمانَ إلاّ وهو مُعظِّم لإبراهيم. وإن كان فيهم من يُكذبُ بكثيرٍ مما كان عليه إبراهيم. وقد جعلَ الله في ذريتِه النبوة والكتاب، فالأنبياءُ بعدَه من ذريتِه، فلا يُوجَد مَن يؤمن بالأنبياء إلا وهو مؤمن بإبراهيم، ولا مَن يدعو إلى عبادةِ الله في الجملة وينهى عن الشرك إلاّ وهو مُعظِّمٌ لإبراهيم.

وإن كان فيهم من هو مكذِّب بكثيرٍ مما كان عليه إبراهيم، ومكذِّبٌ ببعض الأنبياء والرسُل= فإبراهيم بريء منه، ومن ذريته محسنٌ وظالمٌ لنفسه مبين، كما كان مُشرِكو العربِ، وكما يُوجَد عليه أهلُ الكتاب،