لا إلهَ إلا أنتَ". فهذا الدعاءُ فيه من الاعتراف أعظمُ مما في الدعاء الذي أمر به الصدّيق.
والصدِّيقون يجوز عليهم جميعُ الذنوب بإتفاق الأئمة، فقد يكون الرجل كافرًا ثم يتوب من الكفر ويصير صدِّيقًا، وقد يكون فاسقًا أو عاصيًا ثم يتوب من الفسق والمعصية ويصير صدِّيقًا. وإنما تنازع الناسُ في الأنبياء، وإن كان القولُ بعصمة الأئمة قد يقوله بعضُ من يقوله من الرافضة، حتى الإسماعيلية يقولون: إن بني عُبيد الله بن ميمون القدَّاحِ كانوا معصومين لا يجوزُ عليهم الخطأ ولا الذنوب، فهؤلاءِ زنادقةٌ مرتدون ليسوا من أهل القبلة الذين يُنْصَبُ معهم الخلافُ. والرافضة الذين يعتقدون العصمةَ في الاثنَي عشرَ أجهلُ الخلق وأضلُّهم، ليس لهم عقل ولا نقل، ويُشبِهُهم من يعتقد في شيخِه أو متبوعِه العصمةَ، لكرامة رآها منه أو لحسنِ ظنٍّ به، فهؤلاء كلُّهم من الجهال الذين ليس لقولهم أصل يُبْنَى عليه.
ومع هذا فتقديرُ أن يكون أحدُ هؤلاء معصوما أو محفوظًا إنما ذاك عندهم بعد أن يَبلُغ منزلةَ الولايةِ أو الصدِّيقية، وأما قبلَ ذلك فليس بمعصوم باتفاق الناس، وإن كان الصواب الذي عليه أئمة الدين ومشايخُ الدين أن الولي والصديق لا يجب أن يكونَ معصومًا، لا من الخطأ ولا من نحوه، بل قد قال الصدّيقُ الأكبر خيرُ هذه الأمة بعده نبيِّها أبو بكر رضي الله عنه لما ولي الناسَ: "أيها الناسُ! القويُّ فيكم الضعيفُ عندي حتى آخُذَ منه الحقَّ، والضعيفُ فيكم القويُّ عندي حتى آخُذَ له الحقَّ، أطيعوني فيما أطعتُ اللهَ،