للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) (١)، والطلاق للعدة لا تَدخُلُ فيه هذه، فإنها ليست مطلقة للعدة، فعُلِمَ أنها لا تكون مطلقة.

وأما الجواب عمّا احتجوا به فيقال: الآية سواءً شَمِلَت الولدَ والحيضَ، أو قُدِّرَ أنها مختصّة بالولد، فلا يمتنع أن يطلّق للسنة وتكتم الحمل والولد، تارةً تكرهُ الزوج فتكتمه، لئلا يعلم به فيراجعها، وتارةً تكتمه لتطول العدةُ فتأخذُ النفقة، وقد تكتُمه لتَنفِيَه عن أبيه، وذلك أنه إذا طلَّقها وقد رأت الطهر، فقد تكون مع ذلك حاملاً، فإن الحاملَ قد ترى الدمَ باتفاق الناس، وهل يكون حيضًا؟ على قولين، والطُهرُ دليل ظاهرٌ على براءةِ الرحم وليس قاطعًا، فقد تكون حاملاً لاسيما في أوائل الحمل، وترى الدم [في] الطهر، فيطلِّقها يَظُنها حائلاً، وتكون حاملاً تكتُم ذلك. وقد يكون في ابتداء الخبر، فتُخبِر أنها حاضت وطهرت، ليطلَّقها، رغبةً منها في الطلاق وكراهة التزوج.

وقوله (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ) (٢) يقتضي تحريمَه في هذه الحال أيضًا، فإنه إذا حرم عليها الكتمان بعد الطلاق، فقبلَ الطلاقِ أولَى أن يحرم عليها الكتمانُ، لأنه حينئذٍ يحتاج أن يَعرِف هل هي طاهر فيُباحُ له الطلاق، أم لا؟ وهل هي حاملٌ لئلا يُطلقها، أم لا؟ فإذا كتمت الحملَ وزعمت أنها طاهر ليطلقها، كانت أولى بالإثم من أن تكتم ذلك في آخر العدة، فإن هذه قصدتْ أن تُوقِعَه في طلاقٍ محرم، وأن تُخرِجَ نفسَها من ملكِه بالحيلة، وقد قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن المنتزعات والمختلعات هنّ المنافقات" (٣)، وقال: "أيما امرأةٍ سألتْ


(١) سورة الطلاق:١.
(٢) سورة البقرة: ٢٢٨.
(٣) أخرجه أحمد (٢/ ٤١٤) والنسائي (٦/ ١٦٨) والبيهقي (٧/ ٣١٦) من حديث =