للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبالجملة فهذا الرفع الذي استفاضتْ به الأحاديث، وهو الذي عليه الأئمة في دعاء الصلاة، وعليه عمل المسلمين من زمن نبيهم إلى هذا التاريخ.

وأما حديث أنس فقد تقدم أنه لشدة الرفع انحنَتْ يدُه، فصار كفُّه مما يلي السماءَ لشدة الرفع، لا قصدًا لذلك، كما جاء أنه رفعَها حذَاءَ وجهه. وتقدم حديث أنس نفسه أنه رأى رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يدعو بباطنِ كفَّيه وظاهرِهما، وتقدم حديث ابن عباس: الابتهالُ هكذا، ورفعَ يديه وجعل ظهورهما مما يلي وجهَه. فهذه ثلاثة أنواع في هذا الرفعِ الشديد رفع الابتهال، تارةً يذكر فيه أنَّ بطونَهما مما يلي وجهَه وهذا أشد، وتارةً يذكر هذا وهذا، فتبين بذلك أنه لم يقصد في هذا الرفع الشديد لا ظَهْرَ اليد ولا بَطْنَها، لأن الرفع يرتفع وتَبقَى أصابعُها نحوَ السماء مع نوع من الانحناءِ الذي يكون فيه هذا تارةً وهذا تارةً. وأما إذا قصد توجيهَ بطن اليد أو ظهرها فإنما كان توجه بطنها، وهذا في الرفع المتوسط الذي هو رفعُ المسألة.

فبهذا تآلَفُ الأحاديث ويَظهر السنةُ وتبيَّنُ المعاني المتناسبة.

إذا تبين هذا فنقول: الجواب عن احتجاج الجهمي من وجوه: أحدها: أن يقال: لا نُسلِّم أنّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قصدَ توجيه ظهرِ الكفِّ دونَ بطنِه إلى السماء في شيءٍ من الدعاء، وقد تقدم بيان معنى