للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليهم، ولا يتمكنون من استعماله في المعصية إلا مع ذُلِّه أو فقرِه، فإن العطاء يحتاج إلى جزاءٍ ومقابلةٍ، فإذا لم يجعل مكافأة دنيوية من مالٍ أو نفعٍ لم يبقَ إلا ما ينتظر من المنفعة الصادرة منه إليهم.

وللردّ وجوه مكروهة مذمومة:

منها: الردُّ مراآة بالتشبه بمن يَرُدُّ غنًى وعزَّةً ورحمةً للناس في دينهم ودنياهم.

ومنها: التكبر عليهم والاستعلاء، حتى يستعبدهم ويستعلي عليهم بذلك، فهذا مذمومٌ أيضًا.

ومنها: البخل عليهم، فإنه إذا أخذ منهم احتاج أن ينفعهم ويقضي حوائجهم، فقد يترك الأخذَ بخلًا عليهم بالمنافع.

ومنها: الكسل عن الإحسان إليهم.

فهذه أربع مقاصد فاسدة في الرد للعطاء: الكبر والرياء والبخل والكسل.

فالحاصل أنه قد يُترَك قبولُ المال لجلب المنفعة لنفسه، أو لدفع المضرة عنها، أو لجلبِ المنفعة للناس، أو دفع المضرة عنهم، فإن في ترك أخذه غِنى نفسِه وعزّها، وهو منفعة لها، وسلامة دينه ودنياه مما يترتب على القبول من أنواع المفاسد، وفيه نفع الناس بإبقاء أموالهم ودينهم له، ودفع الضرر المتولد عليهم إذا بذلوا بذلًا قد يضرُّهم. وقد