قالوا: ولو كانت هذه اللذاتُ نِعمًا مطلقًا لكانت نعمةُ الله على أعدائه في الدنيا أعظمَ من نعمته على أوليائِه، ونعمة الله التي بدَّلوها كفرًا هي إنزالُ الكتاب وإرسالُ الرسول، حيث كفروا بها وجَحدوا أنها حق، كما قال علي رضي الله عنه: هما الأفجرانِ من قريش (١).
وكذلك قوله:{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ}[النحل: ١١٢]، هم الذين كفروا بما أنزله الله من الكتاب وبالرسل، وتلك نعمة الله العظيمة، كما قال تعالى:{وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ}[الأنعام: ٥٣]، وقال تعالى:{أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}[آل عمران: ١٤٤].
وحقيقة الأمر أن هذه الأمور فيها من النعم باللذة والسرور في الدنيا ما لا نزاع فيه، ولهذا قال تعالى:{ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ}[غافر: ٧٥]، وقال: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا
(١) أخرجه الطبري تفسيره (١٣/ ٦٧٠) والطبراني في المعجم الأوسط (٧٧٦) والحاكم في المستدرك (٢/ ٣٥٢).