للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكلمة الخبيثة، كما تتغذى الأبدان بالطيب والخبيث. قال تعالى: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً) (١)، وقد أمر الله المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم) (٢).

فالتوحيد والإيمان كلمة طيبة، مثلها مثل الشجرة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء؛ والشرك والكفر كلمة خبيثة اجتُثَّتْ من فوق الأرض مالها من قرار (٣)، ليس لها أصلٌ راسخ ولا فرع باسق. ولهذا كان أهل الشرك والضلال لهم مواجيد وأذواق وأعمال بحسب ذلك، لكنها باطلة لا تنفع، إذ هم في جهل بسيط يعملون بهواهم بلا اعتقادٍ ونظرٍ، أو في جهلٍ مركب يحسبون أنهم على هدى وهم على ضلال، والمؤمنون يعملون بعلم وهدًى من الله. ولهذا قال تعالى: (الله نُورُ اَلسَّمَاوَاتِ والأرض مثل نوره كمشكاة) الآية إلى قوله (نور على نور يهدى الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم (٣٥)) (٤). ثم قال: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها أسمه) إلى آخر الآية (٥). ثم ضرب للكفار مثلين للجهل المركب والبسيط فقال: (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمئان ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا) الآية (٦). فهذا مثل الجهل المركب، وهو الاعتقادات


(١) سورة المؤمنون: ٥١.
(٢) سورة البقرة: ١٧٢.
(٣) إشارة إلى الآيات ٢٤ - ٢٦ من سورة إبراهيم.
(٤) سورة النور: ٣٥.
(٥) الآية ٣٦ من السورة.
(٦) الآية ٣٩ منها.