للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَنْعِها (١). وكما قاتلَ علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومَن معه من الصحابة الخوارجَ، الذين قال فيهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "يَحْقِرُ أحدُكم صلاتَه مع صلاتِهم وصيامَه مع صيامِهم وقراءتَه مع قراءتِهم، يقرأون القرآن لا يُجاوِزُ حَناجرَهم، يَمْرُقون من الإسلام كما يَمْرُقُ السَّهْمُ من الرَّمِيَّة، أينَما لَقَيتموهم فاقتلوهم، فإنّ في قَتْلِهم أجرًا عند الله لمن قَتَلَهم يومَ القيامةِ" (٢).

وهؤلاء الخوارجُ الحَرُوريةُ هم أولُ من ابتدعَ في الدين وخَرج عن السنةِ والجماعة، حتى إنّ أوَّلَهم خَرجَ عن سنة رسولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حياتِه، وأنكرَ على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِسْمةَ المالِ، وأنزلَ الله فيهم. وفي أمثالِهم: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) (٣). قال ابن عباس وغيرُه: تبيضُّ وجوهُ أهلِ السنة وتَسْوَدُّ وجوهُ أهلِ البدعةِ والفُرقة (٤).

فكلُّ من خرج عن كتابِ الله وسنةِ رسوله مِن سوائر الطَّوائِفِ فقد وجب على المسلمين أن يَدْعُوهُ إلى كتاب الله وسنّة رسوله بالكلام، فإنْ أجاب وإلا عاقبُوهُ بالجَلْدِ تارةً، وبالقتلِ أُخرى على قَدْرِ ذَنبه، وسواء كان مُنْتَسِبًا إلى الدينِ مِنَ العلماء والمشايخ أو مِن رُؤَساء الدنيا من الأمراء والوزراء، فإنَّ من هؤلاء فيهم الأبرارُ والفُجَّارُ.


(١) أخرجه البخاري (١٤٠٠ ومواضع أخرى) ومسلم (٢٠) عن أبي هريرة.
(٢) أخرجه البخاري (٣٦١٠ ومواضع أخرى) ومسلم (١٠٦٤) عن أبي سعيد، وبعضه عند البخاري (٣٦١١) ومسلم (١٠٦٦) من حديث عليّ.
(٣) سورة آل عمران: ١٠٦.
(٤) انظر تفسير ابن كثير (٢/ ٧٤٧).