للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قوله: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} [المائدة: ١٠٨]، وهو ــ والله أعلم ــ من الردِّ بمعنى الترديد والتكرير، كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في القرآن: «لا يَخْلَقُ عن كثرة الردّ» (١). أي تُردَّد أيمانٌ بعد أيمانهم، ليس هو من الردّ الذي هو ردُّ اليمين، كردّ النبي - صلى الله عليه وسلم - اليمينَ على المدَّعَى عليهم في القسامة لما امتنع المدَّعون من الأنصار، وكالردِّ المختلف فيه، لأنه هنا لم يحلف الأول فردّت اليمين على الثاني، فهو رجع لليمين الأول إلى الثاني، وفي مسألة المحايدة قد حلف الأولون عند ظهور اللَّوث وحلف المدعون يمينًا ثانيةً، فهنا تكرير وهناك تحويل، لكن يشتركان في معنى الرد الأصل.

فإنه كما أن الاشتقاق بحسب الحروف ينقسم إلى أكبر وأوسط وأصغر، وهو ما اتحد فيه الحروف ....... (٢)، فكذلك ينقسم بحسب المعاني إلى ما يتحد فيه المعنيان من كل وجه، أعني في القدر المشترك، كما في ضرب وضارب، وإلى ما يتحدانِ في الأصل دون


(١) أخرجه الترمذي (٢٩٠٦) والدارمي (٣٣٣١) عن الحارث الأعور عن علي. قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلّا من هذا الوجه، وإسناده مجهول، وفي الحارث مقال. وانظر علل الدارقطني (٣/ ١٣٧). ورجَّح ابن كثير في تفسيره (١/ ٢١) وقفه.
(٢) هنا كلمة مطموسة.