للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ومما قلنا فيه بالاستحسانِ للسنّةِ فيمن غَصَبَ أرضاً وَزَرَعَها، فالزرعُ لِرَبِّ الأرضِ، وعلى صاحب الأرضِ النفقةُ لصاحبِ الزَّرع، لحديثِ رافع بن خَدِيْج عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من زَرعَ في أرضِ قومٍ فَالزرعُ لِرَب الأرضِ وله نفَقَتُه" (١). وقد كان القياس أن يكون الزرع لزارعه (٢).

قال: ومما قلنا فيه بذلك للإجماع جوازُ سَلَمِ الدراهم والدنانير في الموزونات، وكان القياس أن لا يجوز ذلك لوجود الصفة المضمومة إلى الجنس، وهي الوزن، إلاّ أنهم استحسنوا فيه للإجماع (٣).

قلت: ومن ذلك أن نفقةَ الصغيرِ وأجرةَ مُرضِعِه على أبيه دونَ أمِّه بالنصّ (٤) والإجماعِ. والقياسُ- عندَ مَن يَجْعلُ النفقةَ على كل


(١) أخرجه أبو داود (٣٤٠٣) والترمذي (١٣٦٦) وابن ماجه (٢٤٦٦) وأحمد ٣/ ٤٦٥، ١/ ١٤٤ والبيهقي في السنن الكبرى ٦/ ١٣٦ من طريق شريك عن أبي إسحاق عن عطاء عن رافع بن خديج. قال الترمذي: حديث حسن غريب. وتكلّم عليه الألباني وصححه لشواهده في إرواء الغليل ٥/ ٣٥١.
(٢) قال ابن قدامة في المغني ٥/ ٢٣٦: "أحمد إنما ذهب إلى هذا الحكم استحسانا على خلاف القياس، فإن القياس أن الزرعَ لصاحب البذر، لأنه نماء عين ماله، وقد صرح به أحمد فقال: هذا شيء لا يوافق القياس، أستحسن أن يدفع إليه نفقته للأثر".
(٣) انتهى كلام أبي يعلى في العدة. وانظر هذه المسألة في المغني ٤/ ٩ - ١٠.
(٤) قال تعالى: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ) =