للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحمد لله ربِّ العالمين، قال شيخ الإسلام أبو العباس - رضي الله عنه -:

فصل

من خرج من الحراميَّة (١) على الحُجَّاج أو غيرهم، قبل الإحرام أو بعد الإحرام، فإنه صائلٌ ظالمٌ عادٍ، يجوز دفعُهم باتفاق المسلمين، وإذا احتاجوا في دفعهم إلى قتالٍ أو رمي نُشَّابٍ (٢) قاتلوهم ورموهم بالنُّشَّاب، قبل الإحرام وبعد الإحرام، باتفاق المسلمين.

وإذا قُتِل هذا الحراميُّ الذي لم يندفع إلا بالقتال، فدمه هَدَرٌ لا يُضْمَنُ بقَوَدٍ ولا ديةٍ ولا كفارة (٣).

وإن قُتِل الدافعُ كان شهيدًا؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من قُتِل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتِل دون دمه فهو شهيد، ومن قُتِل دون دينه فهو شهيد، ومن قُتِل دون حُرمته فهو شهيد، ومن قُتِل دون أهله فهو شهيد" (٤).

ومن لم يندفع إلا بالقتال، كالرمي بالنُّشَّاب، جاز ذلك بالاتفاق. وإن


(١) جمع "حراميّ"، وهو فاعل الحرام، وغلب استعماله على اللصِّ في اصطلاح العامة من قديم. انظر: "محيط المحيط" (١٦٤)، و"تكملة المعاجم" (٣/ ١٤٨)، و"كناشة النوادر" لعبد السلام هارون (١٦٨).
(٢) وهي النَّبلُ والسهام.
(٣) انظر: "الاختيارات" للبعلي (٤٢٨، ٤٣٧).
(٤) أخرجه أحمد (١٦٥٢)، وأبو داود (٤٧٧٢)، والترمذي (١٤٨١) من حديث سعيد بن زيد - رضي الله عنه -، وقال الترمذي: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيح". إلا أني لم أجد لفظ "دون حرمته" مسندًا. وانظر: "السنة" للخلال (١/ ١٦٤).