للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهل الأرض، وكان غالبُهم مشركين، وعلماءُ الصابئين هم الفلاسفةُ، فمن كان من أولئك الفلاسفة مؤمنًا بالله واليوم الأخر عاملاً صالحًا فهو من الصابئين الذين أثنى الله عليهم، ومَن لا فلا (١).

وهذا بخلاف المجوس والذين أشركوا فإنّ الله لم يَحْمَد أحدًا منهم، وإنما ذكرَهُم لبيان حكم الله بينهم وبينَ غيرِهم يومَ القيامة في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (٢).

ولما كان معلومًا أن اليوم الآخر هو يوم القيامة، ولا يؤمن بيوم القيامة إلاّ أتباعُ الأنبياء، إذ مَن لم يتبع الأنبياءَ من الصابئين وغيرِهم إنما يؤمن من المعاد بمعاد الأرواح فقط، كما يؤمن به المجوس وبعض المشركين، وذلك ليس هو اليوم الآخر عُلِمَ أنّ من اهتدى من الصابئين فإنما اهتدى باتباع الأنبياء.

فتبيَّن أن كلَّ هدًى حصل به سعادةُ الآخرة فهو باتباع الأنبياء، وأنّ كل عذاب اسْتُحِقَّ في الدار الآخرة فهو بالإعراض عمّا جاءوا به، ومَن لم تبلُغْه دعوتُهم فقد ورد أنَّه يُكلَّف في الدار الآخرة، وليس غرضُنا ذِكْر ذلك.

ويُبيِّن ما قدَّمناه أنّ من استَقْرأ أخبارَ الأمم -علمائِها وعوامِّها-


(١) ذكر المؤلف في "درء تعارض العقل والنقل" (٧/ ٣٣٤) القسمين من الصابئين، كما ذكر هنا.
(٢) سورة الحج: ١٧.