للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودعاء الرجل بعد الصلاة سرًّا جائزٌ، والذين استحبوا للإمام أن يدعو بعد الصلاة قالوا: يدعو سرًّا إلا أن يكون في الجهر مصلحة لتعليم بعض المأمومين، وذلك أنَّ الأصل في الدعاء أن يكون سرًّا، كما قال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: ٥٥]. وقال تعالى: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} [مريم: ٣]. ولهذا قال مَنْ قال من السلف: رفع الصوت بالدعاء بدعة.

وأما الذِّكر فتارةً يُسَنُّ الجهر به، كالأذان والتلبية، وتارةً لا يسنّ.

* مسألة: وأما المصافحة عقيب الصلاة، فبدعةٌ لم يفعلها رسول الله ولم يستحبها أحدٌ من العلماء.

* (١) وأما التبليغ خلف الإمام لغير حاجة، فبدعةٌ (٢) مكروهة باتفاق الأئمة، فإنه لم يكن بلالٌ يبلِّغ خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا كان الخلفاء الراشدون (٣) يبلّغ أحدٌ خلفهم. ولهذا اتفق الأئمة على أن الإمام هو الذي يُسنّ له الجهر بالتكبير.

كما ذكروا في كتب المذهب، قالوا: إن المأموم يبلغ للحاجة، [و] استدلوا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرض موته لمَّا خرج فصلى جالسًا كان


(١) قبله في الأصل: "الجواب" مقحمة.
(٢) الأصل: "بدعة". وانظر للمسألة "مجموع الفتاوى": (٢٣/ ٤٠٠ ــ ٤٠٣).
(٣) الأصل: "الراشدين".