السابع: أن السلف تكلَّموا في تفسير القرآن كلِّه، وما رأيناهم حَرَّموا تفسير شيء منه، إلاّ أن يُنقَل عن أحدِهم أنه تَرَكَ القولَ فيه، أو حرَّم القولَ على غيرِه بغيرِ علم، أو تَركَه خَوفَ الخطأِ على سبيل الورع ونحوه. وكتبُ التفسير مشحونة بالروايات عن الصحابة والتابعين في آيات الصفات وغيرِها، فكيف يَدَّعِي هذا أن المعتبرين حَرَّموا ذلك؟
فهذا (١) تقرير لما ذكرتموه من قولكم: "لا نُسَلِّم أنَّ معتبرًا حِرَّم تأويلاً يَشهَدُ العقل بصحتِه عند الحاجة إليه، لعالمٍ متبحِّر لا يَرضى بأسْرِ التقليد، ولا يرى أن يَستعمل في كشف الحقائق نورَ البصيرةِ الذي هو من أجلِّ نِعَمِ الله على العبيد".
وجوابه من وجوهٍ:
أحدها: ما تكلَّمنا في تحريم جنس التأويل وجوازه شيئًا، وإنما تكلمنا في صحته وفسادِه، فقلنا:"إذا بَحثَ الإنسانُ وفَحَصَ وَجَدَ ما يقولُه المتكلمون من التأويل الذي يخالفون به أهلَ [الحديث] باطلاً، وتيقَّن [أن] الحق مع أهلِ الحديث ظاهرًا وباطنًا".
وسنبيِّنُ إن شاء الله بالنقول المستفيضة أن الخلاف وقعَ في أعيانٍ هل هي صحيحة أو فاسد، بل قد بيّنَّا في نفس تلك المناظرة
(١) الكلام السابق في أربع صفحات من قوله (ص ٧٩) "منعكم أن التأويل" إلى هنا تقريرٌ وتوضيحٌ من المؤلف لكلام الخصم، ثم بدأ في الردّ عليه، ولم يصل إلينا تمامُه.