للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ) (١).

فهذان الأمرانِ جماعُ الدين، كما يُروَى أن الشيطانَ قال: أهلكتُ بني آدم بالذنوب، وأهلكوني بلا إله إلاّ الله والاستغفار، فلما رأيتُ ذلك بَثَثْتُ فيهم الأهواء، فهم يُذنبون ولا يتوبون، لأنهم يَحسبون أنهم يُحسِنون صنعًا. وقد قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) (٢).

فالتوحيد هو جماع الدين الذي هو أصلُه وفرعُه ولُبُّه، وهو الخير كلُّه، والاستغفارُ يُزيلُ الشرَّ كلَّه، فيحصلُ من هذين جميعُ الخَيْر وزوالُ جميع الشرّ. وكلُّ ما يُصيبُ المؤمنَ من الشرِّ فإنما هو بذنوبه.

والاستغفار يَمحُو الذنوبَ فيُزيلُ العذابَ، كما قال تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣)) (٣). وقد كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَطلُب من الله المغفرة في أول الصلاة في الاستفتاح، كما في حديث أبي هريرة الصحيح (٤) وحديث علي الصحيح (٥) في أول ما يكبِّر، ثم يطلب الاستغفار بعد التحميد إذا رفعَ رأسَه، ويطلب الاستغفار في دعاء التشهد كما في حديث علي (٦) وغيره، ويطلب الاستغفار في الركوع


(١) سورة فصلت: ٦.
(٢) سورة النساء: ٤٨. والحديث أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (٧) من حديث أبي بكر مرفوعًا، وهو ضعيف بل موضوع.
(٣) سورة الأنفال: ٣٣.
(٤) أخرجه البخاري (٧٤٤) ومسلم (٥٩٨).
(٥) أخرجه مسلم (٧٧١).
(٦) هو الحديث السابق.