للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* وحزبٌ قالوا: إنه ليس بنهي، بل هو نفيٌ للوجوب بالنذر، أو نفيٌ للاستحباب (١).

وهذا قول طائفةٍ من أصحاب الشافعي، كالشيخ أبي حامد، وأبي المعالي، ومن تبعهم (٢). وهو قول أبي محمد المقدسي ونحوه من أصحاب الإمام أحمد (٣)، وقول ابن عبد البر وبعض متأخري المالكية (٤).

وأما مالكٌ وجمهور أصحابه، وقدماء أصحاب الإمام أحمد وجمهورهم، وطائفةٌ من أصحاب الشافعي، فيقولون: إنه نهيٌ (٥). وحديث أبي سعيد صريحٌ في حجة هؤلاء.

وأنا في جواب الفتيا التي لم يتَّسع فيها الكلام ذكرتُ القولين جميعًا، ولم أستقص الكلام فيها، بل بحسب حال السائل، وقد رجَّحتُ النهي، ولم أستوعب حججَ ترجيحه (٦).


(١) انظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي (٣/ ٢٥٣)، و"معالم السنن" (٢/ ٢٢٢).
(٢) انظر: "المهذب" (٢/ ٨٦٣)، و"نهاية المطلب" (١٨/ ٤٣١).
(٣) انظر: "المغني" (٣/ ١١٧، ١١٨).
(٤) انظر: "الاستذكار" (٢/ ٤١، ٣٣١)، و"المعونة" للقاضي عبد الوهاب (١/ ٦٥٤)، و"المنتقى" للباجي (١/ ٢٠٢، ٣/ ٢٣١).
(٥) اختاره القاضي عياض في "إكمال المعلم" (٤/ ٤٤٩)، وحكاه أبو المعالي عن أبيه أبي محمد الجويني في "نهاية المطلب" (١٨/ ٤٣١). وذكر ابن بطه أن من البدع شد الرحال إلى زيارة القبور في "الإبانة الصغرى" (٣٦٦)، وكذلك ابن عقيل منع من السفر إليها. انظر: "اقتضاء الصراط" (٢/ ١٨٢)، و"الإخنائية" (٤٣٨).
(٦) وهي فتيا قديمة مختصرة كتبها الشيخ في هذه المسألة وهو بالقاهرة، ثم أثيرت سنة ٧٢٦ بعد نحو سبع عشرة سنة من كتابتها، وشنع بها بعض الناس عليه، وحرَّفوا كلامه، وكانت سبب الفتنة التي انتهت بحبسه - رحمه الله -. وقد نقل نصَّ الفتوى شيخ الإسلام في "الإخنائية" (١٣٦ - ١٥٠)، وصاحبه ابن عبد الهادي في "العقود الدرية" (٤٠٠ - ٤١٠)، وهي ضمن "مجموع الفتاوى" (٢٧/ ١٨٣ - ١٩٢).