للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الصحيحين (١) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "تَعِسَ عبدُ الدرهم، تعس عبد الدينار، تعس عبد القطيفة، تعس عبد الخميصة، إن أُعطِيَ رضي، وإن مُنِعَ سخط، تَعِسَ وانْتكس، وإذا شِيكَ فلا انتقش".

فعبدُ الله الذي هو عبدُه لابد أن يكون الله أحب إليه مما سواه، فإن الذين جعلوا لله أندادًا يحبونهم كحب الله مشركون لا مؤمنون، والذين آمنوا أشدُّ حبًّا لله، ولابد أن يكون الله أخوف عندهم مما سواه، ومن كان كذلك صُرِفَ عنه السوء والفحشاء كما صُرِفَ عن يوسف.

بخلاف المشركين الذين جعلوا لله أندادًا يحبونهم كحُب الله، فهؤلاء ليسوا عباده، و (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا) (٢)، فالمشرك به لا يحصل له ما يقر عينه، ويغني قلبه عن الأنداد، بل هذا لا يحصل إلا بعبادة الله وحده. فإن الله سبحانه خلقَ عِبادَهُ حنفاء؛ وللسلف في "الحنيف" عبارات، قيل: المستقيم، كقول محمد بن كعب القرظي. والمتَّبع، كقول مجاهد. والمُخْلِص، كقول عطاء. وأما تفسيره بالمائل فهذا من قول بعض متأخري أهل اللغة، وهو مبسوط في موضع آخر (٣).

وقد قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (٤): "كل مولود يولد على الفطرة". وفي رواية (٥):


(١) أخرجه البخاري (٢٨٨٦، ٢٨٨٧) عن أبي هريرة. ولم أجده عند مسلم.
(٢) سورة الأنبياء: ٢٢.
(٣) انظر "فصل في معنى الحنيف" ضمن هذه المجموعة.
(٤) أخرجه البخاري (١٣٨٥) ومسلم (٢٦٥٨) عن أبي هريرة.
(٥) رواها ابن حبان في صحيحه (١/ ٣٤١) عن الأسود بن سريع.