ذلك، ولم ينكروا جمعَهم للمطر، فدلَّ ذلك على أنه كان من السنن الموروثة عندهم عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وفي السنن (١) أنه قال للمستحاضة: "سآمرُكِ بأمرين أيَّهما فعلتِ أجزأ عنك من الآخر"، فخيَّرها بين أن تصلِّي كلَّ صلاةٍ في وقتها بوضوءٍ، وبين أن تؤخِّر الظهرَ وتعجِّلَ العصرَ وتجمع بينهما بغُسلٍ، وتُؤخِّر المغربَ وتعجِّل العشاءَ وتجمعَ بينهما بغُسلٍ، قال:"وهذا أحبُّ الأمرين إليَّ". فاختارَ الجمعَ بين الصلاتين بغُسلٍ على التفريق بالوضوء، وكان هذا مما يُستدلُّ به على أن الجمع مع إكمال الصلاةِ أولَى من التفريقِ مع نقصِها، فإنه لا سببَ هنا للجمع إلا الاغتسال الذي هو أكملُ للمستحاضة من الوضوء، مع أن الاغتسال ليس بواجب عليها، والغسلُ مع تيقُّن الحيض واجب، وأما في هذه الصورة فيُستحبُّ احتياطًا، لإمكان أن يكون دمُ الحيض قد انقطعَ حينئذٍ، ولهذا يستحب لها أن تغتسل لكل صلاة.
وهذا بمنزلة الشاكّ هل أحدثَ أم لا؟ بعد تيقُّن الطهارة، فإن الوضوء أفضل له، وإن استصحبَ الحالَ أجزأهُ عند الجمهور، وهو الصواب، كما أجزأ المستحاضةَ أن تصلِّيَ إذا اغتسلتْ، وإن جاز أن يكون الدمُ الخارجُ بعد ذلك دمَ حيض.
ومعلوم أن كلَّ ما أمر الله به في الصلاة وإنما رخص في تركه للعذر
(١) أخرجه أبو داود (٢٨٧) والترمذي (١٢٨) وابن ماجه (٦٢٧) وأحمد (٦/ ٤٣٩) من حديث حمنة بنت جحش. وقال الترمذي: حسن صحيح.