للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُصْنَع بها، فهذا باطلٌ، كما تقدم بيانه.

وحينئذٍ لا يلزم الجبر، بل يُبْسَطُ بساطُ الشرع، ويُنْشَرُ عَلَمُ (١) الأمر والنهي، ويكونُ لله الحجة البالغة.

فقد بان لك [أن] إطلاق القول بإثبات التأثير أو نفيه، دون الاستفصال وتبيين معنى التأثير، ركوبُ جهالاتٍ واعتقادُ ضلالات، ولقد صدق القائل: "أكثر اختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء" (٢).

وبان لك أن ارتباطَ الفعل المخلوق بالقدرة المخلوقة ارتباطُ المسبَّبات بأسبابها (٣)، ويدخل في عموم ذلك جميعُ ما خلقه الله في السموات والأرض والدنيا والآخرة؛ فإن اعتقادَ تأثير الأسباب على الاستقلال (٤) دخولٌ في الضلال، واعتقادَ نفي أثرها وإلغاءه ركوبُ المحال، وإن كان لقدرة الإنسان شأنٌ ليس لغيرها كما سنومئ إليه إن شاء الله.

فلعلَّك تقولُ بعد هذا البيان: أنا لا أفهمُ الأسباب، ولا أخرجُ عن دائرة التقسيم والمطالبة بأحد القسمين، وما أنتَ إن قلتَ هذا إلا مسبوقٌ بخلقٍ


(١) الأصل: "على". والمثبت من (ف) أظهر.
(٢) القول في "الصفدية" (٢/ ٣٠)، و"منهاج السنة" (٢/ ٢١٧)، و"بيان تلبيس الجهمية" (٧/ ٤٠٠)، و"درء التعارض" (١/ ٢٩٩)، و"الجواب الصحيح" (٤/ ٦٧)، و"جامع المسائل" (٧/ ٨٩)، و"مجموع الفتاوى" (٥/ ٢١٧، ٧/ ٦٦٤، ١٢/ ٤٥٢، ٥٥٢، ١٩/ ١٤٠) دون نسبة. وانظر لآفة اشتراك الأسماء وترك التفصيل: "إحكام الأحكام" لابن حزم (٦/ ٧٠).
(٣) (ف): "الأسباب بمسبباتها". وهو خطأ.
(٤) الأصل: "الاستطلاق"، وهو تحريف صوابه في (ف).