للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسألة: في من قال: من انتمى إلى شيخٍ رآه أو لم يره، ولم (١) يَرِثْ عنه علمًا يصلُ به إلى طاعة الله وطاعة رسوله، كان كاذبَ الانتماء، متَّبعَ الهوى. وأن هذا الانتماء المعتاد في هذه الأعصار، على ما جرت به العادة من أرباب الحِرَف، مُحْدَثٌ مردود. فهل هو كذلك أم لا؟

أجاب شيخ الإسلام - رضي الله عنه -:

الحمد لله. الانتماء إلى شيخٍ لم يَسْتَفِد منه ولا من اتِّباعه فائدةً (٢) دينيَّة، ليس مما أمر الله به ولا رسولُه، بل هو من جنس أهواء الجاهلية، كقيسٍ ويَمَن (٣).

فإن المراد من الشيوخ إنما هو الدعوة إلى الله، كما دعت إليه الرسل، قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: ١٠٨]، وقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: ١٢٥]، وقال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [الشورى: ٥٢ - ٥٣].


(١) الأصل: " أو لم". والوجه ما أثبت.
(٢) سها الناسخ فكتب عبارة "ولا من اتباعه فائدة" مرتين.
(٣) انظر: "الجواب الصحيح" (٣/ ١٧٦)، و"السياسة الشرعية" (٩١، ١٢٢)، و"مجموع الفتاوى" (٢٨/ ١٨, ٤٢٢، ٤٨٧)، و"جامع المسائل" (٥/ ٣٧٨).
وهاجت بينهم في الشام فتنٌ عظيمة أعادت ما كانوا عليه في الجاهلية. انظر: "مجموع الفتاوى" (٣٤/ ١٤٦، ١٤٧)، و"البداية والنهاية" (١٣/ ٥٨٢، ٦٥١، ١٨/ ٩٥)، و"السلوك" (٤/ ١٠٤٠)، و"خطط الشام" (١/ ٢١، ١٥٢ - ١٥٨).