قلتُ: لعلَّ ذلك للعوامِّ، أو على طريق الورع لا التحريمِ، لِمَ قُلتم إن الأمر ليس كذلك؟
والوجه الثاني: لو سلَّمنا أنّ بعضَهم حرَّم ذلك، فهل نُقِلَ التحريمُ عن نصِّ الله أو عن نصِّ رسولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو عن إجماع الأمة؟ فإن الحجةَ ليستْ في قولِ البعض، لاسيما إذا خالفوا البعضَ الآخر.
الوجه الثالث: أنّا ننقلُ عنهم الإجماعَ على التأويل في بعض المواضع على ما سيأتي، ونطالبُ بالفرق.
والجواب -ولا حول ولا قوة إلا بالله- من مقامين:
المقام الأول: في بيان أنّ هذه الأسوِلةَ هل هي متوجهة واردة يَجبُ الجواب عنها أم لا؟
والثاني: في التبرُّع بالجواب بتقديرِ عَدَمِ وجوبِه.
أما المقام الأول
فيمكن أن يقال: نحنُ نطالبكم بتوجيه هذه الأسولةِ، فإنه ليس منها شيء واردًا، فضلا عن أن يستوجبَ جَوابًا.
أما القول بالموجب فعليه أولاً مناقشة معروفة، وهو أن القول بالموجب إنما يَرِدُ على الأدلة دون الدعاوي، فإن الدليل الصحيح يجب القول بموجبه، ولهذا قيل: إن القول بالموجب سؤال يَرِدُ على كل دليلٍ. لكن المعترض يَدَّعي أنه يقول بموجب دليلِ المستدلّ من غير التزامٍ لدعواه، ببيان عدم دلالتِه على محلّ النزاع،