للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه؟ على وجهين في مذهب الإمام أحمد وغيره (١).

* فمن قال بالأول (٢) قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عنه، ولكن قال: من فعله فلا صام ولا أفطر.

وهذا يقتضي أن من فعله لا يحصل له فائدة الصَّوم؛ لاعتياده له، ولا هو أيضًا مفطرٌ يلتذُّ التذاذَ المفطرين.

وهذا يقتضي أنه لم ينتفع بذلك في دينه ولا دنياه، وعدم الانتفاع يقتضي أن يكون تركُه أولى.

وقد جاء في حديثٍ في "المسند": "من صام الدَّهر ضُيِّقَت عليه جهنَّم" (٣)؛ لأنه بسرد الصَّوم أغلق عنه أبواب النار.

* والوجه الثاني: كراهة ذلك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك عبد الله بن عمرو، وقال: "إذا فعلتَ ذلك هَجَمَت (٤) له العين" أي: غارت، "ونَفِهَت له النفس" أي: سَئِمَت، وقال: "إن لنفسك عليك حقًّا، ولزوجك عليك حقًّا،


(١) انظر: "الفروع" (٥/ ٩٥)، و"الاختيارات" للبعلي (١٦٤).
(٢) أي أن صوم الدَّهر ترك الأولى.
(٣) أخرجه أحمد (١٩٧١٣) من حديث أبي موسى - رضي الله عنه - مرفوعًا، وصححه ابن خزيمة (٢١٥٤)، وابن حبان (٣٥٨٤)، وقال الطوسي في مستخرجه على الترمذي (٣/ ٤٢٩): "حسنٌ غريب".
وروي موقوفًا على أبي موسى، وهو أشبه. وقال العقيلي في "الضعفاء" (٣/ ١٤٣): "لا يصحُّ مرفوعًا". وانظر: "مسند الطيالسي" (٥١٥)، و"مسند البزار" (٣٠٦٣).
(٤) الأصل: "هممت". تحريف.