للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: عَلَيْه أن لا يُضَار" (١)، فتركُها بدعوى نَسْني أو تأويلِ هو من نوعِ تحريفِ الكلمِ عن مواضعه لغير معارض لها أصلاً مما يَحلَمُ بطلانَه كل من تَدَبَّر ذلك.

وإذا كانت الأمِ أقربَ الناسِ إليه لا نفقةَ عليها مع الأب، وهي تَحُوْزُ الثلثَ معه، فأَنْ لا يَجِبَ على الجدةِ مع الجدّ وهي تَحُوْزُ السدسَ أولى وأقوى.

والقائلون بذلك يقولون: القياس يَقتضي وجوبَ ثلثِها على الأم، لكن تُرِك ذلك للنص.

فيُقَال: أيُّ قياس معكم؟ إنما يكون قياساً لو كان معهم نصّ يتناول هذه الصورة بلفظه أو معناه، وليس معهم ذلك، ولو كان ذلك لكان مجيء هذا النصّ بهذا يُوجبُ إلحاقَ نظائرِه به، فيُقَاسُ كل عاصب معه فرضن أوجبه من وُرَّاثَ الفرض على الأب مع الأمّ.

وكذلك إسلامُ النَّقْدَينِ في الموزونات يَقدحُ في كونِ العلةِ الوزنَ، ولم يثبُتْ ذلك بَيِّن، بل بعلّة مُسْتَنبطة قد عارضَها ما هو


(١) أي أن الإشارة في قوله تعالى (وَعَلَى الوَارِث مِثلُ ذَلِك) لا ترجع إلى جميع ما تقدم، وإنما ترجع إلى تحريم الإضرار. قال ابن العربي: "هذا هو الأصل، فمن ادّعى أنه يرجع العطف فيه إلى جميع ما تقدم فعليه الدليل، وهو يدّعي على اللغة العربية ما ليس منها". قلت: هذا كلام لا طائل تحته، فسياق الآية يأبي ذلك، وعطف "على الوارث" على "على المولود له ... " هو الوجه في العربية لا غير، ولذلك جعله المؤلف هنا من نوع تحريف الكلم ومن المعلوم بطلانه لكل من تدبر.