للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالصلاةُ معه أكملُ، كما ثبت في الصحيح (١) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم، وصلاة المضطجع على النصف من صلاة القاعد". وهذا قيل: إنه المتطوع غير المعذور، وجوز من قال: إن الصحيح يتطوع مضطجعًا، وهو قولٌ لبعض أصحاب الشافعي وأحمد، وهو غلط مخالفٌ لما عليه سلفُ الأمة وأئمتُها وما عليه عملُ المسلمين دائمًا أن أحدًا لا يتطوع مضطجعًا مع قدرتِه على القيام والقعود. وهذا الحديث إنما كان في المعذور، وكذلك جاء مصرَّحًا به أنه خرجَ عليهم وهم يصلُّون قعودًا بسببِ مرضٍ عرضَ لهم، فذكر هذا القول.

وأما قوله: "إذا مرِضَ العبدُ أو سافرَ فإنه يُكتَب له من العمل ما كان يَعمل وهو صحيح مقيم" فهو حديث صحيح متفقٌ عليه (٢)، لكن فيه أن العبد إذا كان عادتُه أن يعملَ عملاً وتركَه لأجل السفر أو المرض كُتِبَ له عملُه لأجل نيتِه وعادتِه، ليس فيه أن كلَّ مسافرٍ أو مريضِ يُكتَب له كعمل الصحيح. ولهذا إذا مَرِضَ أو سافرَ ولم يكن عادتُه أَن يقوم الليل لم يُكتَب له قيام، وإذا لم يكن عادتُه أن يُصليَ في الجماعة لم يُكتَب له صلاة الجماعة. فإن كان عادتُه [أن] يُصلِّي قائمًا وصلَّى قاعدًا لأجل المرض كُتِبَ له مثل أجر صلاةِ القائم، كما أنه لو عجزَ عن


(١) مسلم (٧٣٥) من حديث عبد الله عمرو، وليس فيه الجزء الأخير من الحديث. وأخرجه البخاري (١١١٥) من حديث عمران بن حصين بمعناه.
(٢) أخرجه البخاري (٢٩٩٦) من حديث أبي موسى الأشعري. ولم أجده في صحيح مسلم. ورواه أيضًا أحمد (٤/ ٤١٠، ٤١٨) وأبو داود (٣٠٩١).