للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصلاةِ بالكلية كُتِبَ له مثلُ ما كان يُصلّي وإن لمِ يُوجد منه صلاة. وكما يُكتَب لمن خرجَ ليُصلِّي في جماعةٍ وإذا أدركهم سلَّموا مِثلُ أجرِ من شهِدَ الجماعة وإن كان لم يُصلِّ في جماعة. وهكذا من لم يُدرِك ركعةً من الجماعة فإنه لا يكون مدرِكًا لها إلا بركعةٍ، لا في الجمعة ولا في الجماعة، في أصحّ أقوال العلماء الذي دلَّ عليه النصُّ وأقوالُ الصحابة، وهو مذهب مالك وإحدى الروايتين عن أحمد، والرواية الأخرى عنه الفرقُ بين الجمعة وغيرها، كظاهرِ مذهب الشافعي، وفي مذهبه قول ثالث: إنه يكون مدركًا للجمعة بتكبيرةٍ، كقول أبي حنيفة.

والذي دلَّ عليه النصُّ وآثار الصحابة والقياس هو القول الأول. ومع هذا فيُكتب له أجرُ من شهدَ إذا جاءَ بعد الفوات لأجل نيته، فإن القاصد للخير الذي لو قدَر عليه لفَعلَه وإنما يتركُه عجزًا يُكتَبُ له مثلُ أجرِ فاعلِه، كما قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنّ بالمدينة رجالاً ما سِرْتُم مَسِيرًا ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم"، قالوا: وهم بالمدينة؟ قال: "وهم بالمدينة، حَبَسَهم العذرُ" (١).

وفي حديث كَبْشَة الأنماري الذي صححه الترمذي (٢) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إنما الدنيا لأربعة: رجل آتاه الله مالاً وعلمًا، فهو يتَّقي في ذلك المال ربَّه ويَصلُ فيهِ رَحِمَه، فهذا بأشرف المنازل؛ ورجل آتاه الله علمًا ولم يُؤته مالاً، فيقول: لو أنَّ لي مالاً لعَمِلتُ فيه بعَملِ فلانٍ. قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فهما في الأجر سواء؛ ورجل آتاه الله مالاً ولم يُؤته علمًا،


(١) أخرجه مسلم (١٩١١) من حديث جابر.
(٢) برقم (٢٣٢٥). وأخرجه أيضًا أحمد (٤/ ٢٣١).