للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والإرادة في الباطن ... الظاهر، فتقوم بالجسم. فنسبة النية إلى العمل الظاهر نسبةُ الروح إلى الجسد، ... أرواح أجسامها أجسام أرواحها النيات، ولا بدّ لكل جسم حي من روح، ولا بدّ لكل جسم حي من إرادة ونية.

ثم إن الروح إن كانت (١) طيبةً كان الجسم طيباً، وإن كانت خبيثة كان الجسم خبيثاً، فكذلك العمل والنيّة، ولهذا قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحديث المشهور: "إنما الأعمالُ بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نَوَى، فمن كانت هجرتُه إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يُصيبها أو امرأةٍ يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه " (٢).

فهذا اللفظ عام (٣) في كل عمل كائنًا ما كان، هو بنيَّته، سواء كانت صورته صورة العبادات، كالطهارة والصلاة والحج، أو صورة العادات، كالسفر والاكل والشرب وغير ذلك.

وسبب الحديث كان مما صورتُه صورةُ العادات من وجه، [وصورة العبادات من وجه، فالعادة] من جهة كونه سفراً، وهو السفر من مكة إلى المدينة، والدين (٤) من جهة كونِ السفرِ كان إلى دار الإسلام ومُقامِ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومن معه من المؤمنين المجاهدين، وبهذا الاعتبار سمي هجرة، ثم إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جعله نوعين: أحدهما: ما كان


(١) غير واضحة في الأصل.
(٢) أخرجه البخاري (١) ومسلم (١٩٠٧) من حديث عمر بن الخطاب.
(٣) في الأصل: "عاما".
(٤) الكلمة غير واضحة في الأصل.