للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأمراء" (١).

وقد يكون في الزمان رجلٌ هو أفضل أهل الأرض، كما قد يكون رجلان وثلاثة وأربعة، ولكن ليس في الوجود/رجلٌ هو أفضل أهل الأرضِ، وفيه ما يَقتضي أنه بوجودِه يَحصُلُ للناسِ الرزقُ، ويَنتَصِرونَ على الأعداء، وتهتدي قلوبهم مع كونهم مُعرِضين عن طاعة الله ورسوله. بل كان نوح أفضلَ أهل الأرضِ، وقد مَكثَ في قومِه ألفَ سنةٍ إلاّ خمسين عامًا يدعوهم إلى الله، وقد قال نوح: (رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (٥) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (٦) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (٧)) (٢). لمَّ إنَّ اللهَ أغرقَ أهلَ الأرضِ إلاّ من آمن به. وكذلك غيرُه من الرسل، كهُوْدٍ وصالح وشعيب ولوط وغيرهم.

نعم قد يَحصُل بدعائه وعبادته من الخير ويَندفِعُ من الشرِّ ما لا يَحصُل بدون ذلك، كما في قوله: "بدعائهم وصلاتهم وإخلاصهم" (٣). وقد قال تعالى لنبيه: (وَمَا كانَ الله ليعَذِبَهُم


(١) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٤/ ٩٦) وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (١/ ١٨٤) من طريق محمد بن زياد اليشكري عن ميمون بن مهران عن ابن عباس مرفوعاً. وهو حديث موضوع، آفته محمد بن زياد، وهو وضاع كذاب.
(٢) سورة نوح: ٥ - ٧.
(٣) جزء من حديث سبق تخريجه.