للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن نَذَر لقبرٍ زيتًا أو شمعًا أو قناديلَ أو سِتْرًا أو نحو ذلك لم يكن هذا نَذْرَ طاعةٍ، ولم يكن على أحدٍ أن يوفيَ به، وما أعلمُ في هذا نزاعًا بين العلماء. ولكن هل عليه كفّارة يمينٍ أم لا؟ فيه قولان.

وكذلك الاجتماع عند قبرٍ من القبور لقراءةِ ختمةٍ أو دعاءٍ أو ذكرٍ أو عَملِ سَماع أو غيرِ ذلك هو من البدع المنهيِّ عنها؟ فإنّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لا تتخذوا قبري عِيدًا"، رواه أهلَ السنن كأبي داود وغيره (١). فإذا كان قد نُهِيَ عن اتخاذِ قبرِه عيدًا، فقَبْرُ غيرِه أولى بالنهي عن ذلك. والمكان الذي يتخذ عيدًا هو أن يعتاد الناسُ للاجتماع فيه في وقتٍ معيَّنٍ، كما يعتادون الاجتماع فيه بعرفةَ ومزدلفةَ ومِنَى، وكذلك الزمان الذي يُتَّخذ عِيدًا هو الزمان الذي يعتادون الاجتماع فيه، كيومَي الفِطر والنحر.

والمشركون الذين كفَّرهم رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقاتَلَهم واستباحَ دماءَهم وأموالَهم من العرب لم يكونوا يقولون: إنَّ آلهتَهم شاركتِ اللهَ في خلق السماوات والأرض والعالم، بل كانوا يُقِرُّون بأن الله وحدَه خالق السماوات والأرض والعالم، كما قال الله تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ) (٢)، وقال تعالى: (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) (٣) الآيات إلى قوله (تُسْحَرُونَ (٨٩)) وقد قال تعالى: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦)) (٤).


(١) سبق تخريجه.
(٢) سورة لقمان: ٢٥ وسورة الزمر: ٣٨.
(٣) سورة المؤمنين: ٨٤ - ٨٩.
(٤) سورة يوسف: ١٠٦.