للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والإرادة، فإن الفاعل الذي يَقصِدُ غايةً تكون اللام في فعله للتعليل والإرادة، إذ هي العلة الغائية، والذي لا يقصدها تكون اللام في فعله لام العاقبة.

فيقال لهم: لام العاقبة إما أن تكون من جاهل بالعاقبة، كقوله: (فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا) (١)، أو من عاجز عن دفع العاقبة السيئة، كقولهم (٢):

لِدُوا للمَوتِ وابْنُوا للخَرابِ

وقولهم (٣):

وللموتِ مَا تَلِدُ الوالِدَهْ

فأما العالم القادر فعلمه بالعاقبة وقدرتُه على وجودِها ودفعِها، يبتغي أن لا يكون مريداً لها.

فافترق القدرية فرقتين:

منهم من اختار أنه لم يكن عالمًا بما يؤولُ إليه الأمرُ من الطاعة والمعصية.


(١) سورة القصص: ٨.
(٢) هذا صدر بيت عجزه: فكلكم يصير إلى ذهابِ. واختلف في نسبته، فهو لأبي نواس في ديوانه (ص ٢٠٠)، ولأبي العتاهية في الأغاني (٣/ ١٥٥) وديوانه (ص ٢٣ - ٢٤)، وبلا نسبة في الحيوان (٣/ ٥١).
(٣) وقع هذا الشطر في شعر عدد من الشعراء، انظر "شرح أبيات مغني اللبيب" (٤/ ٢٩٦، ٢٩٧).