للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا جهل ممن توهَّمه أو نَقَلَه عن أهل السنة والحديث، فإنّ الحديث: "حتى يضع ربُّ العزّة عليها -وفي رواية: فيها-، فينزوي بعضُها إلى بعضٍ، وتقول: قط قط وعزَّتِك"، فدلَّ ذلك على أنها تضايقت على من كان فيها فامتلأتْ بهم، كما أقسم على نفسه إنّه ليملأنَّها من الجثة والناس أجمعين، فكيف تمتلئ بشيء غيرِ ذلك من خالقٍ أو مَخلوق؟. وإنما المعنى أنه تُوضَع القدمُ المضافُ إلى الربِّ تعالى، فتَنزوي وتَضِيقُ بمن فيها. والواحدُ من الخلق قد يَركُضُ متحركًا من الأجسام فيسكن، أو ساكنًا فيتحرك، ويَركضُ جبلًا فيتفجَّر منه ماءٌ، كما قال تعالى: (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (٤٢)) (١)، وقد يضع يَدَه على المريض فيبرأ، وعلى الغضبان فيرضى.

المسألة السابعة

أنَّ التكليفَ بالأمر والنهي ثابت بالشرع باتفاق المسلمين، وفي ثبوته بالعقل اختلافٌ بين العلماء من أصحابنا وغيرِهم، والمسألة مشهورة، مسألة التحسين والتقبيح ووجوب الواجبات وتحريم المحرمات، هل ثبتتْ بالعقل؟ ومسألة وجوب معرفة الله وشكره، ومسألة الأعيان قبل السَّمع. وفي المسألة تفصيل كتبته في غير هذا الموضع، إذ المقصود هنا النكت المستغربة.

وأما الثواب والعقاب فمعلوم بالسمع بلا خلافي بين المسلمين، وهل يُعلَم بالعقل؟ مبنيٌّ على المعاد، فإنّ المعادَ معلوم بالسمع بلا ريب، وهل يُعلَم بالعقل؟ قد اختُلِفَ فيه:

فذهب كثير من أهل الكلام وذهب أكثر الناس إلى أن المعاد من


(١) سورة ص: ٤٢.