للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل عظيم المنفعة

في أمر المعاد

وذلك أن مذهب أهل السنة والجماعة ما دلَّ عليه الكتاب والسنة، واتفق عليه سلفُ الأمة وأئمتُها: الإيمانُ بالقيامة العامة التي يقوم الناس فيها من قبورهم لربّ العالمين، ويَجزِي العبادَ حينئذٍ ويحاسبهم، ويُدخِل فريقًا الجنةَ وفريقًا النارَ، كما هو مبيَّن في الكتاب والسنة.

والإيمان مع ذلك بنعيم القبر وعذابه، وبما يكون في البرزخ من حينِ الموت إلى حين القيامة من نعيم وعذاب، فالإنسان منذُ تُفارِق روحُه بدنَه هو إما في نعيم وإما في عذاب؛ فلا يتأخر النعيم والعذاب عن النفوس إلى حين القيامة العامة، وإن كان كمالُه حينئذٍ، ولا تبقى النفوس المفارقة لأبدانها خارجةً عن النعيم والعذاب ألوفًا من السنين إلى أن تقوم القيامة الكبرى. ولهذا قال المغيرة بن شعبة (١): أيها الناس! إنكم تقولون: القيامة، القيامة، وإنه من ماتَ فقد قامت قيامتُه.

واسم «الساعة» في السُنة قد يَرِد ويُراد به انقراضُ القرن وهلاكُ أهلِه، كما ذكر ذلك البغوي (٢) وغيره، وهو مذكور في أحاديث


(١) أخرجه الطبري في تفسيره (٢٣/ ٤٦٨، ٤٦٩) من طريق زياد بن علاقة عنه، وعزاه السخاوي في المقاصد الحسنة (ص ٤٢٨) إلى الطبراني.
(٢) لم أجد كلام البغوي في التفسير وشرح السنة، وانظر: مفردات القرآن للراغب (ص ١١٣) وفتح الباري (١١/ ٣٦٤).