للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بتفريطٍ جرى في الرجال والأموال. فذكر ثابت بن سنان بن ثابت بن قُرَّة فيما علمتُه من "التاريخ" (١) أنه في سنة أربع وعشرين وثلاث مئة فوَّض الراضي الخليفةُ الإمارةَ ورئاسةَ الجيش وأعمالَ الخراج وتدبيرَ سائرِ المملكة إلى مُقدَّم اسمُه محمد بن رائق، وجعلَه أمير الأمراء، وأمرَ بأن يُخطَب له على سائر منابر المملكة، ولم يكن قبل ذلك شيء من ذلك.

قال: وبَطَلَ قبل ذلك أمرُ الوزارة، فلم يكن الوزير ينظر في شيء من النواحي ولا الدواوين، ولا كان له اسم غيرُ اسمِ الوزارة فقط، وأن يحضرَ في أيام المواكب دار السلطان بسواد وسيف ومنطقةٍ، ويقفَ ساكنًا. وصار ابنُ رائق وكاتبُه ينظرانِ فيما كان الوزراءُ ينظرون فيه، وكذلك كلُّ من تقلَّد الإمارةَ بعد ابن رائق، وصارت أموالُ النواحي تُحمل إلى خزائن الأمراء، فيأمرون فيها ويُنفِقون منها، ويُطلِقون لنفقاتِ السلطان ما يريدون، وبطلت بيوتُ الأموال.

ثم إنه بعد ذلك حدثَتْ دولةُ بني بُويه الأعاجم، وغَلبوا على الخلافة، وازداد الأمرُ عما كان عليه، وبَقُوا قريبًا من مئةِ عام إلى بعد المئة الرابعة بنحو من ثلاثين سنة أو نحوها حدثت دولة السلاجقة الأتراك، وغلبوا على الخلافة أيضًا.

وكان أحيانا تقوى دولةُ بني العباس بحسن تدبير وزرائهم -كما جرى في وزارة ابن هبيرة- بما يفعلونه من العدل واتباع الشريعة،


(١) لم يصل إلينا. وانظر "البداية والنهاية" (١٥/ ٩٥، ٩٦).