للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من كل شيء، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا.

ومن كَفَّر مَن قال: "إن الله في السماء" من غير أن يقرن هذا القائل بقوله كفرًا؛ فهذا المكفِّر أحقّ بالتكفير؛ فقد نصَّ الأئمةُ الكبار على كفر من أنكر ذلك، كما قد نصّ على ذلك أبو (١) حنيفة في كتاب "الفقه الأكبر" (٢)، وقال: "من أنكر أن الله في السماء فقد كفر".

وقال الإمام أبو بكر بن خزيمة ــ وهو أجَلُّ من يَعْتَمد عليه أصحابُ الشافعي في السنّة والحديث ــ قال: من لم يقل: إن الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، فإنه يُستتاب فإن تاب وإلا قُتِل، وألقي على مزبلةٍ؛ لئلا يتأذَّى بِنَتَن رِيحِه أهلُ القبلة ولا أهلُ الذمة (٣).

وكلامُ السلف والأئمة في تكفير من ينكر أن الله فوقَ العرش ونحو ذلك، كثير مشهورٌ منتشر، ولم ينكر أحدٌ منهم ذلك فضلًا عن تكفير قائله.

لكن إذا كان المُنكِر لذلك أو المكفِّر لقائله ممن يُعذَر بالجهل لعدم علمه بما في ذلك من النصوص والإجماع وكلام السلف والأئمة، أو كونه ظنّ أن ذلك يقتضي نقصًا في حق الله لاحتياجه إلى المخلوقات،


(١) الأصل: "أبي".
(٢) (ص ٢٥ ــ مع شرح السمرقندي).
(٣) أسنده عن ابن خزيمة أبو عبد الله الحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص ٢٨٥ - ٢٨٦ - ابن حزم).